مقدمة:
سجلت منظمة إنسايت انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا بحق المدنيين، خلال شهر تشرين الأول/ أكتوبر عام 2024، في ظل استمرار النزاع وغياب آليات المحاسبة والانتصاف وتصعيد القصف داخل البلاد بالتزامن مع اندلاع صراع واسع في الشرق الأوسط.
وبغرض إعداد هذا التقرير، أجرى فريق الرصد في “إنسايت” أبحاثاً عبر المصادر المفتوحة واتصالات مع مصادر ميدانية مباشرة وناشطين لإعداد البيانات التي استند التقرير لبعضها.
كما استخدم فريق إعداد التقرير مواد توثيقية تم جمعها بغرض إعداد تقارير مواضيعية، إلى جانب التقارير والنداءات التي أطلقتها منظمات محلية أخرى.
وامتدت فترة جمع البيانات من مطلع تشرين الأول/ أكتوبر إلى مطلع تشرين الثاني/ نوفمبر، فيما استمر عمل الفريق على التحقق من البيانات أياماً إضافية.
وتظهر الأعداد، التي نعتقد أنها في الواقع أكثر مما أحصاه فريقنا، انتهاكات القتل والإصابة على يد كافة أطراف النزاع، والاعتقال خارج نطاق القانون، الذي يهدد أيضاً بتعرض بعض الضحايا للتعذيب والإخفاء القسري، بالإضافة لرصد نشاط تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
الضحايا المدنيون
وقع 364 مدنياً سورياً قتلى ومصابين بسبب الصراع والانتهاكات في البلاد، قُتل منهم 103 مدنياً، وأصيب 261 مدنياً، وذلك في ظل استمرار عدم التمييز بين الأهداف العسكرية والأعيان المدنية، وغياب المحاسبة، وبقاء عوامل الإفلات من العقاب.
مسببات سقوط الضحايا المدنيين
اندلعت اشتباكات وتصاعدت وتيرة القصف الجوي والمدفعي، خلال شهر تشرين الأول، وقامت أطراف النزاع بعمليات عسكرية وأمنية، وقتلت واعتدت على سوريين، ونفذ تنظيم “داعش” هجمات أخرى، كما أن كلاً من تركيا وإسرائيل وروسيا استهدفت من خارج الحدود أو داخلها مناطق سورية ما أسفر عن قتلى ومصابين مدنيين.
وأظهر إعادة ترتيب البيانات بحسب ما تسبب بالقتل أو الإصابة، أن القصف كان سبب سقوط النسبة الأعلى من الضحايا المدنيين، يليه ضحايا الاستهداف المباشر بالأسلحة، ثم ضحايا انفجار مخلفات الحرب.
وتسبب القصف من عدة جهات وسط الأوضاع الأمنية المتدهورة بنشر الانتهاكات ضد المدنيين في كامل الجغرافيا السورية، أبرزها درعا التي تتعدد فيها الجهات الأمنية والعسكرية التابعة للحكومة أو المعارضة لها، والرقة التي شهدت هجمات لتنظيم “داعش”، ودمشق التي تصاعد فيها وأريافها القصف الإسرائيلي، وإدلب التي قصفتها القوات الروسية مع القوات الحكومية، والحسكة التي قصفتها تركيا.
قصف القوى الخارجية
وخلال تشرين الأول من عام 2024، قصفت القوات الروسية مع القوات الحكومية 29 موقعاً في منطقة سيطرة هيئة تحرير الشام باستخدام غارات جوية وقصف مدفعي، ما أسفر عن مقتل 2 طفل، وإصابة 18 مدنياً هم 16 طفل و2 امرأة، إلى جانب ضحايا عسكريين.
وتوزعت المواقع المستهدفة على 17 موقع في إدلب و6 موقع في اللاذقية و6 موقع في حلب.
وقصفت قوات التحالف الدولي لمحاربة تنظيم “داعش”، خلال الشهر نفسه، 27 موقعاً للفصائل العاملة مع إيران والقوات الحكومية في دير الزور باستخدام غارات جوية أسفرت عن إصابة 4 مدني بينهم 1 امرأة و1 طفل، إلى جانب ضحايا عسكريين.
وقصف الجيش الإسرائيلي 49 موقعاً للقوات الحكومية والفصائل العاملة مع إيران وحزب الله اللبناني باستخدام غارات جوية، أسفرت عن مقتل 19 مدنياً بينهم 7 نساء و4 طفل، وإصابة 29 رجلاً، بالإضافة لضحايا عسكريين.
وتوزعت المواقع المستهدفة على 11 موقع في كل من دمشق وحمص، و8 موقع في القنيطرة، و5 في اللاذقية، و4 في كل من السويداء ودرعا، و3 موقع في كل من حماة ودير الزور.
وخلال تشرين الأول، قصفت القوات التركية 271 موقعاً على الأقل في الشمال السوري باستخدام القذائف والمسيرات بعدد ضربات 562 ضربة، حيث أسفرت عن مقتل 19 مدنياُ بينهم 8 أطفال و2 امرأة، وإصابة 53 مدنياً بينهم 16 طفل و3 نساء، إلى جانب ضحايا عسكريين.
تنظيم داعش:
نفّذ عناصر تنظيم “داعش”، خلال شهر تشرين الاول من عام 2024، ما لا يقل عن 20 هجوماً، شن 6 منها ضد المدنيين، من ضمنها 4 استهدافات لصهاريج نقل النفط.
وتوزعت هجمات تنظيم “داعش”، خلال تشرين الاول، على دير الزور (13 هجوماً) وحمص (5 هجمات) والرقة (2 هجوماً).
وبلغ عدد العمليات الأمنية ضد عناصر وخلايا “داعش” 15 عملية أمنية، حيث شنت قوات سوريا الديمقراطية 10 عمليات، بينها 5 مشتركة مع التحالف الدولي، ما أسفر عن مقتل 2 عنصراً للتنظيم على الأقل، واعتقال 13 آخرين.
وشنت القوات الأمريكية 2 عملية أمنية، قتلت 70 شخصاً متهماً بالمشاركة في نشاط “داعش” المسلّح، بينما شنت القوات الروسية 3 عمليات ضد أنشطة التنظيم.
الاعتقال التعسفي:
سجلت إنسايت، خلال شهر تشرين الاول 2024، اعتقالات تعسفية بحق 102 مدني، كانت أعلى نسبة بينها على يد هيئة تحرير الشام.
واعتقلت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) 42 مدنياً، هم 23 رجل و19 امرأة، وتعرّض غالبيتهم للاعتقال أثناء أو عقب مشاركتهم في الاحتجاجات المناهضة للهيئة، وبينهم سوريون فارون من الحرب في لبنان.
واعتقل الجيش الوطني ضمن مناطق سيطرته 38 مدنياً، هم 37 رجل و1 امرأة، بتهم مختلفة من بينها التعامل مع الإدارة الذاتية السابقة في عفرين، والاعتراض على الإتاوات، ومناهضة سياسة تركيا في خطوات التطبيع مع الحكومة السورية وحل بعض الفصائل، كما اعتقل البعض بسبب محاولة الدخول للأراضي التركية عبر طرق غير نظامية.
واعتقلت قوات سوريا الديمقراطية وقوات التحالف الدولي 13 رجلاً بتهمة الانتماء لتنظيم “داعش”.
واعتقلت القوات التابعة للحكومة 9 مدنيين، هم 8 رجل و1 طفل، بتهم مختلفة من بينها حيازة أموال أجنبية.
أحداث بارزة خلال تشرين الأول/ أكتوبر 2024:
- تصاعد القصف الإسرائيلي على مناطق سيطرة الحكومة طيلة الشهر بما فيها معابر مع لبنان، وشنت القوات الروسية والحكومية هجمات عنيفة على إدلب شمال غربي البلاد، وتركز تصعيد هجمات القوات التركية عبر الطيران الحربي والمسير وسلاح المدفعية شمالي سوريا ما بين 23 و26 أكتوبر.
- حذرت لجنة التحقيق الدولية المستقلة المعنية بسوريا من أن البلاد تُجر إلى الصراع الكارثي الذي يجتاح المنطقة، مشيرة إلى نزوح عكسي لأكثر من 300 ألف لاجئ سوري، وأكثر من 100 ألف لبناني، من لبنان إلى سوريا بسبب القصف الإسرائيلي.
- غادرت ١٧٥عائلة عراقية مخيم الهول شمال شرقي سوريا، وهي الدفعة الـ ١٨ منذ بدء التنسيق بين الحكومة العراقية والإدارة الذاتية، والرابعة منذ مطلع العام الجاري ٢٠٢٤.
- سلّمت الإدارة الذاتية 1 امرأة و1 طفل من عائلات تنظيم “داعش” من رعايا المملكة الدنماركية، لوفد رسمي دانماركي زار المنطقة.
- فرضت فصائل “الجيش الوطني” إتاوات باهظة جديدة مع موسم جني الزيتون في عفرين شمال غربي سوريا، بما فيها مبالغ عن كل شجرة بحجة حمايتها من السرقة، بالإضافة لفرض إتاوات مالية على سكان أصليين عائدين من أماكن النزوح أو من لبنان إلى منازلهم وحقولهم.
- تسبب استمرار القصف والتدهور الاقتصادي بنقص وقود التدفئة وارتفاع أسعاره، وتسببت الحرائق في مناطق سيطرة الحكومة بخسائر للمزارعين وفي الممتلكات العامة، بينما ينذر انخفاض درجات الحرارة ببدء معاناة إضافية للنازحين في المخيمات شمالي البلاد.