مقدمة
سجل قسم الرصد والتوثيق في منظمة إنسايت، خلال الربع الأول من العام 2025، وقوع 2149 مدنياً/ة ضحية للنزاع والاقتتال والأعمال العدائية في سوريا حيث بلغ عدد القتلى المدنيين 1390، إلى جانب إصابة 759 مدنياً/ة سورياً.
وبغرض إعداد هذا التقرير، أجرى فريق الرصد في “إنسايت” أبحاثاً عبر المصادر المفتوحة واتصالات مع مصادر ميدانية مباشرة وناشطين لإعداد البيانات التي استند التقرير لبعضها.
كما استخدم فريق إعداد التقرير مواد توثيقية وشهادات تم جمعها بغرض إعداد تقارير مواضيعية، إلى جانب التقارير والنداءات التي أطلقتها منظمات محلية أخرى.
وامتدت فترة جمع البيانات من مطلع كانون الثاني/ يناير 2025 إلى مطلع نيسان/ أبريل 2025، فيما استمر عمل الفريق على التحقق من البيانات أسبوعين آخرين.
وتُظهر الأعداد، التي هي في الواقع أكثر مما أحصاه فريقنا، انتهاكات القتل والإصابة على يد أطراف النزاع، والاعتقال خارج نطاق القانون، الذي يهدد أيضاً بتعرض بعض الضحايا للتعذيب والممارسات المهينة للكرامة، بالإضافة لرصد نشاط تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
وتقدّم البيانات معلومات عن مسببات وقوع القتلى والمصابين، ونسب الضحايا بحسب النوع الاجتماعي، والتوزع الجغرافي لسقوط ضحايا حوادث انفجارات مخلفات الحرب.
وفي العام الأول بعد سقوط نظام بشار الأسد المسؤول عن اندلاع الحرب والأزمات المرافقة لها في البلاد، تستمر الانتهاكات بحق المدنيين السوريين على يد عدة جهات، بالتزامن مع جهود بناء السلام واستعادة الاستقرار وعودة النازحين في عدة مناطق.
مسببات وقوع الضحايا المدنيين
أدى استمرار الأعمال العدائية من خلال هجمات مسلحة وعمليات أمنية وقصف وانفجارات لضحايا آخرين لانتهاكات جديدة في وقت يحتاج السوريون فيه لبناء سلام مستدام مبني على العدالة للضحايا والناجين وذويهم.
وجاءت حصيلة القتلى المدنيين خلال عمليات أمنية الأكثر عدداً بين تصنيفات الضحايا، بسبب الجرائم الواسعة خلال الحملة الأمنية في الساحل السوري التي شتها الجيش السوري والفصائل المنضمة حديثاً ومجموعات جهادية من عناصر أجانب ومدنيين سوريين، ما يجعل السلطات الجديدة مطالبة بمحاسبة من ارتكبوا الانتهاكات خلال ردها على هجمات مسلحة وضبط أي عملية أمنية قبل إطلاقها.
وتبدو التوثيقات قاصرة عن تقديم أرقام حقيقية لأعداد الضحايا والمفقودين والنازحين في الساحل والمناطق الأخرى، في الوقت الذي تستمر فيه عمليات ملاحقة مسلحين يتبعون النظام السابق، وتتضمن أعمالاً عدائية ذات طابع طائفي بسبب عدم التمييز بين المدنيين ومن تخلوا عن السلاح من جهة ومسلحين يتبنون محاربة الحكومة الجديدة من جهة أخرى.
ضحايا القصف
ويأتي عدد ضحايا القصف من خارج الحدود السورية في الترتيب الثالث ضمن مسببات وقوع القتلى، والسبب الأول للإصابات التي سجلتها منظمة إنسايت.
وأدى القصف لمقتل 95 مدنياً سورياً، هم 63 رجل و11 امرأة و21 طفل، وإصابة 355 مدنياً هم 198 رجل و113 امرأة و44 طفل، بالإضافة إلى عدد آخر من العسكريين.
تعرض 63 موقعاً ضمن سيطرة الحكومة السورية للقصف، من بينها 53 موقعاً قصفتها الطائرات الإسرائيلية، أدت لمقتل 18 مدنياً، وإصابة 40 مدنياً.
وقصفت القوات التركية 510 موقعاً، أدت لمقتل 77 مدنياً وإصابة 312 مدنياً.
وقصف التحالف الدولي لمحاربة داعش 5 مواقع، والقوات الأردنية موقعين دون تسجيل ضحايا مدنيين.
وتعرض 2 موقع لقصف من مجموعات مسلحة محلية دون تسجيل ضحايا مدنيين، بينما أدى قصف لجهة غير معروفة لإصابة 3 مدنيين.
ضحايا مخلفات الحرب
وتأتي الألغام ومخلفات الحرب كسبب ثاني لقتل وإصابة المدنيين في سوريا خلال الربع الأول من العام 2025، وتفيد بيانات الضحايا إلى نسبة مرتفعة من الضحايا الأطفال، 55 طفل بين 206 من القتلى المدنيين و98 طفل بين 230 مصاب مدني.
استمرار وقوع قتل ومصابين بأعداد كبيرة بين المدنيين يبرز الحاجة لبرامج واسعة لإزالة الألغام ومخلفات الحرب، خصوصاً مع بدء عودة النازحين داخلياً لمنازلهم وأراضيهم التي قد تقع في مناطق مهجورة أو مناطق عمليات عسكرية سابقة.
انتهاكات أخرى:
- سجلت منظمة إنسايت اعتقال القوات الحكومية والجهات المسلحة المختلفة 144 مدنياً خلال الأشهر الثلاثة الأولى من العام 2025، تم الإفراج عن بعضهم بينما بقي آخرون قيد الاحتجاز.
- واستمرت انتهاكات فصائل موالية لتركيا في عفرين حتى بعد انخراطها في الجيش السوري، فارتكبت جرائم قتل (4 مدني)، وإصابات (26 مدني)، واعتقالات (69 مدني)، وحوادث سرقة وتعفيش بالقوة (61 حالة)، وفرض إتاوات وفدى مالية بقيمة تجاوزت 80 ألف دولار أميركي، كما قطع المسلحون والمدنيون المقربون منهم نحو 1030 شجرة مثمرة بالإضافة لأشجار حراجية.
- تعرض الساحل السوري لجرائم قتل واسعة دون تمييز بين الأهداف العسكرية والمدنيين، بلغ عدد القتلى 886 مدنياً على الأقل، هم 771 رجل و69 امرأة و46 طفل، ما تسبب أيضاً بنزوح العائلات وسط ظروف بالغة القسوة.
ضحايا هجمات تنظيم “داعش”
بلغت عدد هجمات “داعش” خلال الربع الأول من العام الحالي، 28 هجوماً، 20 منها ضد قوات سوريا الديمقراطية، وأدت لقتل
6 مدنيين وإصابة 1 مدنيين، بالإضافة إلى عدد آخر من العسكريين.
واستهدفت قوات التحالف الدولي وقوات سوريا الديمقراطية وقوات الحكومة الانتقالية مسلحي تنظيم “داعش” بـ 30 عملية أمنية، نفذت قوات سوريا الديمقراطية 13 منها، إلى جانب 13 عملية أخرى بمشاركة قوات التحالف الدولي، وعملية واحدة للتحالف.
ونفذت قوات الحكومة الجديدة في دمشق 2 عملية ضد تنظيم “داعش”، إلى جانب عملية أخرى نفذها مجموعة عسكرية محلية.
وسلمت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا 916 عائلة، ضمت 3533 فرداً، من مخيم الهول إلى الحكومة العراقية، حيث جرى نقلهم لمراكز تأهيل ضمن الأراضي العراقية تميداً لإعادة دمجهم في المجتمعات.
وسلمت الإدارة الذاتية لشمال وشرق سوريا 2 طفل و 2 امرأة من مخيم روج بريف ديرك إلى وفد للحكومة النمساوية.
خاتمة
نحث في إنسايت جميع الأطراف على إنهاء مظاهر العنف والاعمال العسكرية وإطلاق برنامج عدالة انتقالية شامل وحقيقي يسمح لكافة النازحين واللاجئين بالعودة إلى مناطقهم الأصلية ويضمن محاسبة المتورطين بارتكاب جرائم جسيمة ضمن محاكم عادلة، بعيداً عن الاعمال الانتقامية المهددة لاستقرار المجتمعات.
وعلى الحكومة الجديدة دعم حق ذوي المعتقلين والمخفيين قسراً الحصول على أجوبة حول مصير أفراد عائلاتهم المخفيين قسراً، والتعاون مع المؤسسة الدولية المعنية بشؤون المفقودين الخاصة بسوريا بهدف تكثيف الجهود وتسريع العملية.
كما على الحكومة الجديدة السماح للجنة التي شكلتها للتحقيق في أحداث الساحل إعلان نتائجها بشفافية تامة والتعاون مع منظمات المجتمع المدني والمنظمات الدولية لضمان نزاهة التحقيق وضبط القوات المسلحة والعناصر المساندة لها وتعزيز معايير المساءلة الداخلية داخل المؤسسات الأمنية لضمان عدم تكرار وقوع الانتهاكات مرة اخرى مستقبلاً واستبعاد العناصر الأجنبية على الفور.
وندعو جميع السوريين، كقوى سياسية ومجتمعية، لتغليب لغة الحوار لبناء بلادهم عبر دعم الحقوق والحريات الأساسية لجميع الأطياف دون تمييز، وحماية وسائل الاحتجاج السلمية كالحق في التجمع والتظاهر ومنع وقوع المزيد من الانتهاكات عبر الاستهداف بالسلاح أو الاعتقال أو أي شكل من القمع والترهيب.