مقدمة:
سجلت منظمة إنسايت انتهاكات حقوق الإنسان في سوريا بحق المدنيين، خلال شهر أيلول/ سبتمبر عام 2024، في ظل استمرار النزاع وغياب آليات المحاسبة والانتصاف وتصعيد القصف داخل البلاد بالتزامن مع اندلاع صراع واسع في الشرق الأوسط.
وبغرض إعداد هذا التقرير، أجرى فريق الرصد في “إنسايت” أبحاثاً عبر المصادر المفتوحة واتصالات مع مصادر ميدانية مباشرة وناشطين وحقوقيين لإعداد البيانات التي استند التقرير لبعضها.
كما استخدم فريق إعداد التقرير مواد توثيقية تم جمعها بغرض إعداد تقارير مواضيعية، إلى جانب التقارير والنداءات التي أطلقتها منظمات محلية أخرى.
وامتدت فترة جمع البيانات من مطلع أيلول/ سبتمبر إلى مطلع تشرين الأول/ أكتوبر، فيما استمر عمل الفريق على التحقق من البيانات أسبوعاً إضافياً.
وتظهر الأعداد، التي نعتقد أنها في الواقع أكثر مما أحصاه فريقنا، انتهاكات القتل والإصابة على يد كافة أطراف النزاع، والاعتقال خارج نطاق القانون، الذي يهدد أيضاً بتعرض بعض الضحايا للتعذيب والإخفاء القسري، بالإضافة لرصد نشاط تنظيم الدولة الإسلامية (داعش).
الضحايا المدنيون
وقع 230 مدنياً سورياً ضحية للصراع والانتهاكات في البلاد، قُتل منهم 80 مدنياً، وأصيب 150مدنياً، وذلك في ظل استمرار عدم التمييز بين الأهداف العسكرية والأعيان المدنية، وغياب المحاسبة، وبقاء عوامل الإفلات من العقاب.
مسببات سقوط الضحايا المدنيين
اندلعت اشتباكات وتصاعدت وتيرة القصف الجوي والمدفعي، خلال شهر أيلول، وقامت أطراف النزاع بعمليات عسكرية وأمنية، وسجنت خارج نطاق القانون وعذّبت واعتدت على سوريين، كما أن كلاً من تركيا وإسرائيل استهدفتا من خارج الحدود مناطق سورية ما أسفر عن قتلى ومصابين مدنيين.
وأظهر إعادة ترتيب البيانات بحسب ما تسبب بالقتل أو الإصابة، أن الاستهدافات المباشرة بالأسلحة أوقعت كما الشهر الماضي النسبة الأعلى من الضحايا بين المدنيين.
وبالمقارنة مع تقريرنا لشهر آب الفائت، شهد أيلول ارتفاعاً كبيراً في عدد الضحايا المدنيين الذين سقطوا بسبب القصف المدفعي والجوي وانفجار مخلفات الحرب، بينما سجل فريقنا عدداً أقل للضحايا في الاشتباكات المباشرة بين الأطراف العسكرية.
وتصدرت محافظة درعا باقي المناطق من حيث عدد حوادث قتل المدنيين، خلال أيلول 2024، وذلك بسبب انتشار اضطرابات أمنية في ظل تعدد الجهات الأمنية والعسكرية سواء التابعة للحكومة أو المعارضة لها، تليها إدلب التي شهدت تصعيداً للقصف المتبادل بين القوات الحكومية وهيئة تحرير الشام.
القصف الإسرائيلي
وخلال أيلول من عام 2024، شنّ الجيش الإسرائيلي عن طريق غارات جوية 17 ضربات على الأقل لـ 17 مواقع للقوات الحكومية والفصائل العاملة مع إيران وحزب الله اللبناني، وخلّفت الضربات 6 قتلى مدنيين و5 مصابين، بالإضافة للضحايا العسكريين.
وتوزعت المواقع المستهدفة على 5 مواقع في حماة، 4 في القنيطرة، 4 في دمشق وريفها، 2 في حمص، 1 في طرطوس.
وشاب الغموض العملية الإسرائيلية في مصياف بريف حماة يوم الأحد 8 أيلول، والتي تحدثت مصادر عديدة عن أنها شملت إنزالاً واعتقال أشخاص.
القصف التركي
ارتكبت القوات التركية انتهاكات لحقوق الإنسان والقانون الدولي الإنساني في سوريا، خلال أيلول 2024، من خلال قصفها العشوائي على مناطق شمال شرقي سوريا واستهدافها طالبي اللجوء بالرصاص، ما تسبب بمقتل 2 رجل مدني، وإصابة 27 مدنياً بينهم 4 نساء و8 أطفال.
وقصف الجيش التركي 68 موقعاً في الشمال السوري، 59 منها مناطق سكنية، إلى جانب استهداف 5 سيارات على الطرق العامة أو بالقرب من مناطق سكنية.
وهاجمت القوات التركية 17 مرة بالطائرات المسيرة أهدافاً ضمن الأراضي السورية، إلى جانب الضربات الأخرى بقذائف المدفعية.
تنظيم “داعش”
نفّذ عناصر “داعش”، خلال شهر أيلول من عام 2024، ما لا يقل عن 21 هجوماً، شن5 منها ضد المدنيين إذ استهدفت منزلَين لمستثمرين اثنين للنفط و4 صهاريج لنقل النفط.
وتوزعت هجمات تنظيم “داعش”، خلال أيلول، على دير الزور (11 هجوماً) وحمص (5 هجمات) والرقة (3 هجمات) وفي كل من حماة والحسكة (1 هجوم).
فيما بلغت عدد العمليات الأمنية ضد عناصر وخلايا “داعش” 12 عملية أمنية، حيث شنت قوات سوريا الديمقراطية 10 عمليات، بينها 5 مشتركة مع التحالف الدولي، اعتقلت خلالها 15 شخصاً وقتلت 4 مسلحين.
وشنت القوات الأمريكية 2 عملية أمنية اعتقلت خلالهما 1 قيادي في “داعش” وقتلت 28 متهماً بالمشاركة في نشاط التنظيم المسلّح، بينهم 4 قادة.
هجمات التنظيم التي تضاعفت بالمقارنة مع شهر آب الماضي تسببت بمقتل 2 رجل مدني، بالإضافة لآخرين من الأطراف العسكرية التي تعرضت للهجمات.
الاعتقال التعسفي
سجلت إنسايت، خلال أيلول 2024، اعتقالات تعسفية بحق 157 مدنياً، كانت أعلى نسبة بينها على يد فصائل الجيش الوطني والتي بلغت 52% من مجموع الاعتقالات.
واعتقل الجيش الوطني ضمن مناطق سيطرته 82 مدنياً، بينهم 2 نساء و1 طفل، بتهم مختلفة من بينها التعامل مع الإدارة الذاتية السابقة في عفرين، والاعتراض على الإتاوات، ومناهضة سياسة تركيا في خطوات التطبيع مع الحكومة السورية وحل بعض الفصائل، كما اعتقل البعض بسبب محاولة الدخول للأراضي التركية عبر طرق غير نظامية.
واعتقلت هيئة تحرير الشام (جبهة النصرة سابقاً) 50 مدنياً، بينهم 7 نساء، وتعرّض غالبيتهم للاعتقال أثناء أو عقب مشاركتهم في الاحتجاجات المناهضة للهيئة.
أما في مناطق سيطرة الحكومة السورية، اعتقل 24 مدنياً، حيث اعتقلت القوات التابعة للحكومة 13 مدنياً بينهم 2 نساء دون معرفة التهمة الموجهة إليهم، واعتقلت مجموعات مقربة من الحكومة في درعا 9 رجال مدنيين رداً على اعتقال مجموعات معارضة 2 مدني بتهمة تجارة المخدرات.
وعلى يد القوات الأجنبية، اعتقلت القوات التركية 1 طفل أثناء محاولته دخول الأراضي التركية، واعتقلت القوات الأردنية 2 مدني قرب الحدود الأردنية بريف درعا، يُعتقد أنهما اعتُقلا بشبهة التهريب.
أحداث بارزة خلال أيلول/ سبتمبر 2024:
- دفعت الضربات الإسرائيلية على لبنان، نهاية أيلول، عشرات الآلاف من اللاجئين السوريين للعودة دون توفر ظروف آمنة لعودتهم، بالإضافة لفرار عشرات الآلاف من اللبنانيين نحو سوريا.
- تصاعد القصف الإسرائيلي على عدة مناطق سورية.
- ازدادت انتهاكات وإتاوات فصائل الجيش الوطني في عفرين شمال غربي سوريا مع موسم جني الزيتون، أبرزها الاعتداء على رجال ونساء في قرية كاخره/ ياخور بعد الاعتراض على فرض إتاوة.
- كشفت القوات الأمريكية، في الأول من أيلول، عن فرار عناصر أجانب لتنظيم “داعش” من مركز احتجاز تابع لها في الرقة، ألقت قوات سوريا الديمقراطية على اثنين منهم لاحقاً.
- أطلقت السلطات الأمنية للإدارة الذاتية، خلال أيلول، سراح نحو 1500 محتجز لديها بتهم “الإرهاب”، وذلك بموجب عفو خاص بتهم محددة.
- أصدرت الحكومة السورية مرسوم عفو في 21 أيلول، وقالت منظمة هيومن رايتس ووتش إنه “عفو فارغ” ولا يحلّ أزمة المعتقلين في البلاد.
- نفّذت القيادة المركزية الأمريكية عمليتين خلال أيلول قتلت فيهما 37 من عناصر تنظيمي “داعش” و”حراس الدين”.